(أنا هنا حيث كنت منذ سنوات،وأعلم أن السنوات لم
تعد هنا،وأعلم أن الحكاية قد انتهت،وأن نقطة السطر الأخير وضعتها الأيام مع مرور
الزمن)،وأعلم أن هذه الطرقات لم تعد كما كانت،وأن كل لائحة علقت على مدى السنوات قد
سقطت،وأعلم أن منزلنا العتيق لازال هنا،منزلنا
الذي ركنت لعبتي خلف سياج حديقته،و وضعت فناجيني الصغيرة الزهرية قرب مدفأته،وأعلم
أن كبار جيراني ذهبوا إلى ما أسفل الرمال،وأن صغارهم قد غادروا الأماكن،وأعلم أن
يد الحياة مسحت ملامح رسوماتي العجيبة وكتابات قلمي الغريبة،أعلم أن أصدقائي قد
خلعوا أجنحة الأمل وعادوا إلى منازلهم سيرا على الأقدام،أعلم أن بيوت العناكب قد
استوطنت ألعابي كلها وأشيائي الثمينة وذكرياتي التي لا تقدر بثمن،وأعلم أني أنا
التي هرعت إلى الخارج بسرعة كالعاصفة وتركت الباب والشبابيك مفتوحة ! وأعلم بأن
هذه الطرقات تشربت دمي حينما خرجت حافية القدمين مرتعبة !
فوق رأسي غيمة يأس تحجب العالم بأسره عني.
تمطر السماء دموعا وتنزف روحي إلى الخارج،وأقف
منتظرة عودتي إلى نفسي مجددًا،دون مظلة أختبئ أسفلها..
أتأمل من حولي مبللة باليأس والفقد،والمشكلة هي
أني لا أجدني بينهم !
أعزف موسيقى اليأس على متن أوتار قلبي العليل
الضعيف،وكل الأشياء جاءت إلا ذاتي التي فقدتها،ولا زالت ضائعة أبحث عنها في كل
مكان من حولي لكني لا أجدها،وكأنها نفذت مني ع!
أقف كما أنا بائسة ولا أجد كريما يقدم لي كأس
مواساة!
ابكي مترنحة وأتنازل مجددًا،أحاول أن اتأقلم مع
اللاوجود،أحزم حقائبي مستعدة لرحيل لا عودة بعده،حتى لا أقف كحائر عند مفترق
الطريق..
أدخل إلى قلب منزلي العتيق وأبتعد عن اختلاس
النظر إلى السرير،شعوري بالنعاس يمزقني،ولكني أخشى أن اغفوا وانسى أحلامي اسفل
الوسادة!
كتلك المرة التي لاقت فيها عائلتي الإبادة!
حينما اندلعت الحرب دون وجود رجال يمتلكون
العزيمة والإرادة!
حتى يجهضوا الدمار قبل الولادة!
فذهبت بيوتنا،أموالنا،أخواننا،أبنائنا،وأحلامنا
كالعادة!!!
بِقَلَـــ(رُبَما كاتِبـَــةْ)ـــمـِ:
شَّـهـد
آل قيــــصـــوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق