السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اليكم مقال ( سلاما رسول إقرأ )
بقلم / اشتياق ال سيف
---------------------------
في جولتها الاعتيادية اليومية لجهات الاتصال في برامج التواصل
الاجتماعي تقع عيناها على اعلان لرحلة إلى دولة مجاورة لحضور معرض الكتاب ...
تتسمر لبعض الوقت ..تقلب الأمر في عقلها .ثمة صعوبات تعرقل مسيرتها أن أرادت
الانضمام للقافلة ..وقتها المتخم بالمسؤوليات و تشعب ارتباطاتها بالكثير من الجهات
الاجتماعية و تحملها لكثير من الضغوطات الوظيفية و آلام مبرحة في جسدها
تغزوها بين الحين و الآخر فتقيد حركتها و تقلل من حيويتها ..كل تلك الاسباب تجعل
من رغبتها في الذهاب ضربا من الجنون و إرهاق النفس بما لا تحتمل ...يخاطبها عقلها
أن تهدأ فكريا من تلك الفوضى العارمة و المعارك التي تتأجج بصمت داخل رأسها الصغير
الذي يحوي جبالا من الأفكار تتراكم في أعماقها و بين فترة و أخرى تظهر بعضها على
أرض الواقع في إطار أحد الفعاليات الأجتماعية المعرفية ..
يحبطها هذا التوقيت الذي يضم أكثر من ثلاثة أحداث لا يقل أحدها عن
الآخر أهمية ..هناك ذكرى أليمة لرجل أضاء الكون بطلعته البهية ..سيد من سادات قريش
لم تعرف البشرية أكرم منه خلقا و لا أشرف منه سريرة و لا أزكى منه نفسا
..
حين نكابد ألم الفقد لرجل بحجم أمة و قلبا يحتوي كل القلوب
بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن أوجاع فقده تتجدد في كل ذكرى لرحيله حتى كأن الجرح
لا يزال ينزف و المصيبة لم تبرد بعد ..
ثمة ترابط قوي بين هذا الرجل و بين رسالة الكلمة و جهاد
القلم و تبليغ الدعوة التى انطلق بها الوحي حين صدح بكلمة ( اقرأ) فأحال صمت
الكهف و ظلمته الى نور اخترق حجب العقول و انارها بالهداية . لا زالت
تصارع بتفكيرها من أجل الا يفوتها هذا الحدث الرائع الذي حوى
استعراض حافل لمختلف أنواع الكتب و مصادر الثقافة الحقيقية و بحور العلم التي تزخر
بالمعرفة في شتى جوانب الحياة ..
حينها أعلنت حربا على تلك الأفكار السلبية التي تضعفها و تبرر لها
خسارة الحدث ..ثمة اتجاه نرجسي يوشوش لها أنها تستحق استراحة محارب و أنها لابد أن
تدلل ذاتها و تنعش تيار الأنا فيها و تنزوي قليلا لبعض الوقت مبتعدة عن صخب
المجتمع و ضغوط الأعمال الغير واجبة عليها ..لكنها تقاتل دوما مثل هذه الأفكار
الخانعة لانها تعشق أن تكون في خضم معترك حياتها تسعى جاهدة أن تقدم أفضل ما
تستطيع عرفانا لمجتمع أفاض عليها بالكثير من التقدير و الاحترام .
و أخيرا انطلقت كلمتها كالصاروخ و أعلنتها لقائد الرحلة و لانها لا
تستهويها الانا الذاتية و تتجه دوما لروح الجماعة فقد خططت لتكوين مجموعتها التي
تلتقي معها في حب الكتاب و طموح عطاء القلم ..أعلنت بكلمات واثقة و عبارات
أضاءت أهدافها أنها راحلة مع قافلة أحد معاقل العلم المتميزة في رحلتها المعرفية
لكل عشاق الكتاب و من جاء برسالة إقرأ ...هدفها أن تدفع بناتها إلى حيث ينهلون من
واحة الفكر و المعرفة و أصدق دعاة الثقافة . أعدت عدتها ليس بحقيبة سفر ..بل
بأفضل ما استطاعت من نتاج فكرها ..محاورات و مناقشات تبارت فيها فتياتها يتأكدن من
حصولهن على أقصى سبل الراحة و الترفيه في برنامج سياحي اتضح اتقان خطته من لدن عقل
خبير و تعامل في منتهى الرقي و قمة الذوق العالي ..
و اكتملت الحافلة و تدافعت مجموعة من الصبايا ملؤهن الحماس و
البهجة لما سوف يحققنه من فوائد كثيرة ..
تقدمت لبعضهن بعبارات الاعتذار أن الوقت أزف و لم يعد هناك متسع من
الوقت او مساحة لاستقبال أي مشتركة . و في وداعها لأرض القطيف التي لا تحتمل البعد
عنها طويلا إلا أنها تعشق الترحال ..أغمضت عينيها و أسلمت نفسها في عناق جميل
لحبيب طال غيابها عنه و قد اشتكى لها وحدته و غربته في زمن طغيان الشبكة
العنكبوتية التي حاولت أن تزيح مكانته و تجعله قابعا على أرفف المكتبات لا حياة
فيه ...لكن ذلك لا يكون ابدا و لا زال هناك من يسعى دوما أن ينفض عنه غبار الهجران
و يقتنيه و يحتويه و يعب منه بلا ارتواء. ..
أنا قادمة إليك مع عشرات من مدرستي و آلاف من أولئك المثقفين الذين
يمتهنون الكلمة نطقا و كتابة و قراءة و يعملون بالكتاب في مختلف معاقل العلم
و كيانات الثقافة المعرفية ..ستأتي الوفود يا سيدي و هي تعانق روحا غمرتنا ذكرى
فقدها بكل الحزن لكنها عرفت كيف تحيي رسول الكتاب المقدس باتباع وحي رسالته و
السعي للاستفادة من مناهل علومه ..
سنقرأ و نقرأ و مهما استهوتنا كل وسائل التواصل الاجتماعي
بتقنياتها الحديثة و سرقت الكثير من اوقاتنا سيبقى الكتاب ملك كل وسائل المعرفة و
مصادر التعلم ..
----------------------------
على هامش رحلة قطر 11ديسمبر 2015 مع نادي الرياضيات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق