بسم الله الرحمن الرحيم
٢٤/١٢/٢٠١٥، ٣:٤٤:٠٣ ص: اشتياق ال سيف:
(( همسة حنان قبل الامتحان ))
بقلم : اشتياق ال سيف
13/3/1437 الخميس الانيس
----------------------------
تمام الساعة الثالثة بعد منتصف الليل في ليال مميزة بعطاءها تأتيني رسل إلهامي و تأخذني الى عالم القلم و الكلمة و على مائدتها التي تدعوني اليها بكل كرم و سخاء حينها تتبارى أفكاري في سباق حماسي كبير ..أيها يرتقي إلى قمة الوحي الذي يسطره قلمي بكل سعادة .
في رحلة الحياة لكل بداية نهاية و لكل جهد نتيجة و في فضاء التعليم تلتمع نجوم تأخذ بالالباب و تستحوذ على الإعجاب ..و في إحدى محطاتي التعليمية رست سفينتي على شاطئ الخامسة ..أحدى المدارس التي غيرت خارطة التعليم في القطيف بل كان لها بصمات التميز و التألق في مجالات عديدة ..كان لي موعد مع البراءة و الهدوء و الرقة و التميز في أحد فصولي الجميلة التي لا يزيد عدد طالباتها على ال 30 صبية يقصدون معقل علومهم بطموحات مختلفة و مهارات متباينة . ثمة شعور غريب يعتريني كلما التقيت بتلك الصبية في فصلها ؟؟أحيانا تكون جاذبية شيء ما تفتقده هي أكثر قوة توجهك لما أثار اعجابك..
و كمعلمة كنت الاحظها و كأم كنت اتلمس الطريق اليها ..و لانها طالبة متميزة و حسنة الساوك فكان من الطبيعي أن اشملها بأساليب التعزيز و التقدير كباقي المتفوقات ، بيد أن ذلك الحزن في عينيها يشدني و بريق تلك العينين يشعرني أن تلك الشخصية لا يمكن أن تكون من النسخ المكررة او المتشابهة .
استرق السمع أحيانا فأراها تغتصب ابتسامات تشق طريقها في وجه يشع أملا حين تضحك ..ثمة إصرار و طموح داخلها تصارع معه شعورا بالسأم و الملل من مسيرة الدراسة التي تراها ستطول و مع ذلك لديها شخصية واثقة بعزم و حزم أن تكون دوما في مصاف الأوائل و على قمة هرم المتفوقات ..
ومع سؤالي عنها عرفت أنها يتيمة الأب منذ صغرها ...الآن عرفت ماهية ذلك الانجذاب الذي ملأ كياني تجاهها بالإضافة إلى مميزاتها الشخصية و تفوقها و احترامها لمعلماتها.
جائتني على استحياء تحاول أن تطلق كلماتها من تلك القيود التي تجعلها تؤثر الصمت أغلب أوقاتها .. و لأنني انتظرها شجعتها على الحديث بما تود عرضه فشرعت على استحياء في بث شكواها من صعوبة المناهج و طولها لكنها كانت كثيرا ما تستدرك بأنها تحاول أقصى جهدها .
لم اتمالك نفسي ..شعرت أنني أود احتضانها حبا و اعجابا و ليس اشفاقا. .شعرت لأول مرة أنني أتمنى أن أكون والدتها التي أجزم أنها تفتخر بها ..أدب جم في الحديث و لباقة في انتقاء الألفاظ تفوق سنين عمرها . خجل عذري جميل بدأ يتلاشى من بنات آخر زمن !!
و حين شعرت أنها تذوب خجلا أخدت يدها و خرجنا سويا في حديقة المدرسة . و كانت همسة حانية تمكنت خلالها أن أعيد لها اطمئنانها و سكون نفسها بالتركيز قبل كل شيء على التوكل على الله فيك جميع أمورنا و أننا نبذل جهودنا و التوفيق منه سبحانه و تعالى .تحدثنا عن الأوقات المفضلة لاستذكار الدروس و استرجاع المعلومات و التي من أفضلها أوقات الفجر و ساعات الصباح الأولى حيث صفاء الذهن و خلو العقل من الأفكار الماضية ..و عرجنا على طرق المذاكرة المفيدة من تلخيص و حفظ و تأكيد المعلومة بالسؤال و التكرار ..و انتهيت بحديثي معها أن الطالبات يجب أن يفرحن بقدوم الامتحانات لانها ستكشف نتيجة جهودهن طوال فترة الدراسة.
ودعتني بابتسامتها التي لا زالت لغزا محيرا إلا أنها سبب من أسباب سعادتي حين أراها ..
و بكل الامتنان و التقدير الذي زرعته والدة أحسنت تربيتها أغلقت صفحة جميلة من صفحات يوميات معلمة تعشق عملها و تحاول جهدها أن تكون عند حسن ظن طالباتها قبل أي طرف آخر .. و لست أدري كيف اتعايش مع كوكبة تمضي و كوكبة أخرى تأتي مستجدة ..و في حديقة العلم و المعرفة تشد انتباهي الكثير من الزهور لكن تبقى زهرة بيضاء القلب و القالب شكلا جماليا معنويا لن يغيب من ذاكرتي ..
إهداء إلى كل طالباتي المميزات و اللاتي أثق حقا أنهن قادرات على النجاح و بتفوق و أغلف دعواتي بالرجاء و أسأل الله التوفيق و النجاح لكل طالباتنا الرائعات ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق