بقلم : اشتياق ال
سيف
9/2/2016
لأنني على يقين
ان الفكر مرآة العقل و ان الأرواح تتعانق بتآلف التوجهات و الميول فبها نلتقي
و بالأفكار نجتمع و نكمل بعضنا البعض و ترتبط القلوب برابط المحبة الغير
مشروطة كما كان أهلنا في قرية كاملة قلبا واحدا و بيتا واحد يجمعهم في غالب
الأوقات و توجها سائدا لدى الجميع مما يتعارف عليه و يكون مألوفا لدى الغالبية ،
لذلك تستهويني الكتابة عن الماضي الجميل و استعذب الإبحار في اعماقه و ابحث
في دهاليز الزمن عما يصلني به وصلة روحية أحلق خلالها في زمن نبكيه و نراه بقايا
أطلال و سوالف شعبية نهوى تصفحها بين الحين و الآخر .
على هامش الأعداد
لمهرجان القيم و المبادئ سوف نلتقي قريبا كي نضع على سفرة ديرة الطيبين كل
ما لذ و طاب من عبق الماضي و رائحة الأجداد التي تزيدنا حنينا لها صعوبة الحياة في
الزمن الحاضر و ابتعاد بعض القلوب عن بعضها الآخر و التلون بألوان الانانية التي
لم نشعر بها في طفولتنا فقد كان الجيران عائلة متماسكة تعرف كل تفاصيل حياة
أفرادها و تشاركها افراحها و احزانها..
في كل يوم تجد
بعض الجيران يفترشون الطرقات على عتبات بيوتهم الطينية الجميلة
و يتناولون فيها القهوة و أشهى الحلويات و انفعها ..الرطب او تمرات معتقة مخزنة
شهورا طويلة في سلات الخوص التي يصنعونها بأيديهم و هم يتفكهون بأطيب
الأحاديث ..
اشتاق إلى (
سوابيط ) الديرة و ( زرانيقها ) ..احن الى تلك البيوت التي لا زال بعضها
آثارا تحكي قصة ماض جميل لن يندثر بكل تفاصيله التي نهرع اليها بين الحين و الاخر
حين تجلدنا سياط المدنية و التقدم المادي الذي شوه هويتنا و اثر على تقدمنا
المعنوي و الفكري .. اشتاق لأصوات الديكة مع أذان الفجر الذي يعلو بصوت
احد الجيران لبيت جدي ( البيت العود ) الذي لا زال معلما من معالم
الديرة و مقصدا لكل اهلها .. أذكر أشياء جميلة تنم عن نفوس طيبة معطاءة تملك من
النوايا الحسنة كما لدى الأطفال براءتهم ..
لقد كتبت كثيرا
عن الماضي الجميل و التراث الأصيل لأنني أجده أجمل الأزمنة و قد نشأت خلاله في
اروع الأمكنة و أقربها إلى قلبي إلى ان افارق الدنيا ..ستظل الديرة مسقط رأسي و
الأرض التي درجت عليها و خطوت اولى خطواتي و تعثرت في طرقاتها الرملية الضيقة
أجمل الأماكن و أروع من كل المحطات السياحية التي تنقلت عبر مطاراتها و رأيت
من جمال الطبيعة و عمران المدنية و عجائب الدنيا ما بقي في ذاكرتي لكنه يبقى سفرا
أعود بعده بكل اللهفة و الحنين إلى رائحة أرض طيبة لا تشبه أي مكان بكل آثارها
بقلعة شامخة لا زالت تتحدى كل عوامل الزمن لتبقى شاهدة على تاريخ مجيد لطالما
توافد له عشاق الآثار و هواة الماضي و من يستشعر لذة عبق الاصالة و روعة الزمن
الذي لن يتكرر لا بأهله و لا بأحداثه و لم تكن به إلا الخير و الانسانية
عراقة القيم و المبادئ الإنسانية.
أظنني لن انتهي
من الكتابة عن الماضي الجميل لأنه العالم الذي ألوذ بنفسي بالأبحار إليه في جزيرة
شهدت نشأة عمالقة رحلوا و بقت آثارهم التي سطرت سجلا رائعا لا ينسى ..ربما
أشعر بكل الحنين إليه حين ترهقني الفروقات الكبيرة بين زمني كحفيدة و زمن ابنتي
..شتان بين الزمنين في العلاقات و الاهتمامات و الطموحات .. أكتفي بالقول
أنني لا أشعر بالانتماء لهذا الزمن على الرغم أنني أحقق فيه ذاتي و طموحاتي و
استثمر كل سبل المدنية لحياة أفضل و أكثر سهولة و أكثر ترفيه و متعة ..لكنني أعشق
طفولتي التي وجدت فيها ما لا أراه في هذا الزمن من قيم الأصالة و المشاركة
المجتمعية و حسن الجوار و الانصهار في بوتقة الإيثار و التضحية و ليس الأنا
المقيتة و اللهاث في سباق محموم الى مالا نهاية له إلا التراب .. ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق