(بحر عيناها )
غادرت بعهد أن تعود
خلال أشهر معدودة تعتلي خلالها صهوة جواد طموحها العلمي و آفاقها الواسعة سعة
عينيها الجملتين التي لم ارهما إلا باسمتين تشعان بريقا و ذكاء متقد. مرت سنوات
طويلة بطيئة الخطى ثقيلة على قلبه كان يكابد فيها سياق الوحدة القاتلة و يقظم
انامله ندما ..كيف تقبل أن تبتعد عنه شريكة حياته و تنأى في اقاصي البلاد ..
كيف استطاعت أن تستل منه كلمة بجواز مرورها بل انتزعتها انتزاع خرجت بروحه
..
كأنه طفل تهدهده أمه ،
فنام على نغمات صوتها ،
مطوقا بصورتها الناطقة سحرا . يفتقدها فقد الأم الثكلى و يحن اليها حنين الأرض
لغيثها ..لطالما غفى على ذكراها و ايقظته صورا جميلة غي أحلام وردية ترفل بالسعادة
فيها ..
أفاق من نومه على أثر
انفتاح الباب ، وكان سادرا في حلم ثم انقطع ، صوت دون التحايا يخبره بأن لا قطرة
ماء في البيت ، إختلاف الصوتين والشخصيتين جعله غير مباليا بالكائن الذي أمامه !
بعض الوجوه أصبحت أحد أركان الحياة الجامدة ..لا يمكن ألا يراها لكنه لا يتعاطى
معها بتلك الطريقة التي يتعامل فيها مع توأم روحه الذي أراد الانفصال و الرحيل برغم
تلك المشاعر التي ربطتهما معا .
تحرك يمنة ويسرى وهم
بالصعود الى السطح فألفى السماء تمطر،
عرف المفارقة في
حياته بين جدب وفيض ؟بين روعة الحلم و ألم الواقع حلم استعصى عليه التشبث به
..
البارحة أمطرته ليلا
بوابل من مائها المنهمر حتى مطلع الفجر ، فقد بلغ منسوب مزنها حجما عميقا و سكبا
من مشاعرها المرسلة ، و لم يكن نصيبه يشكل الا رذاذا خفيفا ، تائها بين
قطراتها المتلاحقة ، سرعان ماتحولت لزخات لطيفة انعشت روحه ، غمرته
غيثا بعطاءها اللا متناهي ، إستحم جسدا ووجدانا بعبيرها المعطر ، تأتيه من
الجهات الست ،تتمثل له من كل الزوايا ، يغمض عينيه فيراها أمامه ، يرتد طرفه
بدهشة، وجدها حاضرة تكبله بعنفوانها بما تغمره اياه من الحنان اللا متناهي ،
التفت الى جهة قلبه فتحسس نبضه ، شنف سمعه ايقاعين يدقان في آن ، أصاخ السمع فلم
يفهم تحاور ايقاعهما لكنه إهتز طربا لسيمفونية العشق الأبدية ، حاول
أن يعرف حقيقة السر ؟.
أيكون روحها التي تسمو
في آفاق ميممة ناصيتها نحو قمة الكون .. أرادت أن ترتقي السحاب و حققت ما أرادت
لكنها لم تبتعد عن مسارها الكوني و مدار حياتها ..اتخذته كوكبا تدور في فلكه و
تستمد من انواره المنعكسة شهاب مسارها في فضاء اللامحدود ...
تبقى شمسه المضيئة
التي يستمد منها الدفء و النور ..و يبقى بالنسبة إليها محور فلكها ..مهما
ابتعدت في فضاء الكون يبقى قبلة روحها و محور مسارها الأبدي ..
بقلم : اشتياق ال سيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق