لمحت كفيها وصحن الغذاء أمامها ، كبرت الصورة ، وسرحت متأملا يدها اليمنى ، ولسان حالي يحاورها ، أيتها الأنامل كم مرة صافحتك ؟ بإشارة منها أوحت لي بعدد لقاءاتكما ، وكم من الثواني قبضتي على أصابعي ؟
اومئت ، بمقدار أهمية ضغطتي في اشتياقها ، تتوسع عروق يدي بين إشتداد وارتخاء منها ، يتسلل إيقاع نبضها العاشق فيسري في شراييني ، فتحيا خلاياي وتنبعث أخرى بعنفوان في دمي ، مصافحة كانت تمدني بلمسات شافية لم تستطع يد أخرى الى الآن أن تفعل ذلك ! .
أيتها الأنامل الحانية ، آخر مرة صافحتك في ليلة من ليالي مصافحة افتراضية ،وعند نهاية اللقاء المفعم بالأماني والأحلام المنتظرة ،لم أسمع منك كلمة وداعا ، بل ابلغتيني عما قريب سأصافحك بحرارة الإرتباط المقدس ، وبعهد لم نفترقا والى الأبد !!!؟؟؟.
أنامل هاجرت محملة بالحقائب وهواجس التبليغ ، ومتاعب السفر ، ومسحت دموع الإحتراق والإجبار والقهر!! و في زحام احلامي
المبعثرة ،فجأة ودون سابق إنذار فعل الزمن فعلته ، وذهبت تلك الأنامل الآنية في غير ما تستحق وأصبحت يدي طوال ثلاثين عاما يتيمة خاوية ، يضمها الفراغ ، تسأل بحيرة لماذا ؟ وكيف ؟ إجابة ذرأتها الريح ، يلوذ صاحبها من وقت لآخر يردد شجنا حزينا لأغنية صباح .
مضت ثلاثة عقود لم أرى تلك الأنامل ولا تلويحة منها ولو في الهواء ؟ كنت أتخيلها طيفا تحييني من بعيد ! بعد إنقضاء منتصف العمر صدفة ذات ليلةمن السنة الماضية إقتربت منها وسط الحشود لحظتها إهتز كل كياني بقشعريرة لم اعهدها من قبل ! نظرت للأنامل بشوق لكنها إنكفأة مكأنها ، أحسست بأنها لم تعد تلك الأكف التي أرقبها كل هذا الوقت ؟ من حقها ان تكون مسبلة ،فالعرف يمنعها والذوق ،كادت يدي أن تمتد لها وتستقبلها ودا ، لكنها التزمت وقارا مصطنع ، لولا الحياء وتقديرا لجلال هيبتها لصافحتها بإشتياق عطش كل السنين الماضية وقبلتها دون تردد ، أتمنى مصافحتها في يوم ما ، ولو من تحت حجب ؟ لعلي استرد عافيتي المسلوبة من غدر الأيام ؟ .
أناملها شافية و عفيفة و مقدسة ،تكفف اليوم دموع اليتامى ، لكم ارتجيها أن تمسح على رأسي كيتيم أضاع البوصلة .
بقلم المعلمة : اشتياق آل سيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق