بقلم الكاتبة : هدى العوى
23 --- الجزء الأخير ..
وصلوا بلادهم الحبيبة حوالي منتصف الليل وبأثناء أنتظارهم لأستلام حقائبهم لاحظت صفاء بمرور شخصبجانبهم طويل القامة ويرتدي الزي الرسمي لكابتن الطيارين .. ورغم وسامته لكن شكله لايبعث بالراحةبنسبة لصفاء ، وأدار بوجهه ناحيتهما ورفع بيده قبعته وكانه يوحي اليهم بالسلام ، وكزت رفيقتها علا بأنلاتطول نظرها اليه ولاتبدي له أي أهتمام ، وبعد أن أبتعد عنهم تذكرت بأنه شبه أحدا تعرفه ولكن من هوياترى ؟؟
ولم تتأخر بأستلام حقائبهم لقلة المسافرين بتلك الليلة ، والسائق أكبر موجود بأنتظارهم ، وقد بدأ على أمهاوعلا الفتور وعدم الفرحة بالرجوع
فبادرت اليهما قائلة : الحمد لله على سلامتكم يا أمي الحبيبة ويا أعز رفيقة ، شكرا لصحبتكما معيومشاركتي تجربتي بالعمل خارج المنطقة .
ردت عليها علا قائلة : ليتنا لم نرجع بهذه السرعة أتمنى لو طال مكوثنا معهم بضعة أيام ، لقد شعرت كأنيأميرة كل شئ موجود وخدم وراحة لو أعيش بقية حياتي بذلك القصر يكفيني ولا أفكر بالخروج منه لأيمكان ، صفاء وافقي على خطوبة سند وساكون انا وصيفتك المخلصة ..
بدأ على وجه صفاء أبتسامة مصطنعة وهي ترد عليها قائلة : كما أنت يا علا لاتتغيرين تحبين المظاهروتخلطين الجد بالمزح . فأين هيفاء لم تنتبه لظرافتك وتخطبك لابنها سند أنت تناسبيه اكثر مني .
ردت بتأوه ياريت فلا أحد ينظر الي مادمت معك
ردت عليها بأبتسامة صادقة : هل تغارين مني ؟؟
لا لا أغار ولكنك تخطفي الأنظار والقلوب من الجميع ياصفاء
وشاركتهما امهما بالحديث قائلة : نعم هي تخطف القلوب ولكن يمكن تعطي قلبها لمن لايستحقه
خيم الوجوم على وجهها وأكملت سيرها من أي تعقيب على كلام أمها حتى وصلوا منزلهم وقد قاربتالساعة الثانية فجراً وأتجهت كل واحدة لغرفتها لتنعم بنوما عميق ...
وبعد ساعات قليلة تستمع الى رنين جرس متواصلة وتتقلب بفراشها وهي لاتستوعب أهي بحلم أم حقيقة وتشعر بصراع بين اليقضة وسلطان النوم ، وأستمر الجرس يرن ويرن ،حتى أنتبهت أحاسيسهاواستشعرت بأن صوت حقيقة وليس حلم
نظرت لساعة المنبه وقد قاربت الساعة الخامسة فجرا ، نطقت خيراً إن شاء الله من سيأتي بهذا الوقت !أوجس قلبها وخرجت وفتحت باب غرفة أمها فرأتها تغط بنومها والجرس مازال متواصل برناته ، رفعتسماعة الجرس نعم من يطرق الباب ؟!
رد عليها باعلا صوته انا سعدون أفتحي الباب ياصفاء ، فأخي فؤاد سيرحل أفتحي ..
أختلطت مشاعرها بأي جواب ترد؟ وكيف تفتح باب بيتها لزوار غرباء والوقت فجراً ماذا أفعل 🤔؟
ردت عليه قائلة : أنتظر قليلاً لتستيقظ أمي أو أرجع ضهرا ً
ردعليها : لا فؤاد سيتاخر أفتحي الباب ياصفاء
أحتارت ماذا تفعل ولابد أن تستيقظ أمها وليكن مايكون
رجعت لأمها وهي مازالت بعمق نومها وكلمتها بهدوء مرة ومرتين لكنها ترد عليها وتنقلب للجهة الثانيةوتكمل نومها .
رجعت وأقتربت من الباب ولم تسمع أي صوت تنفست الصعداء وتيقنت بأنه شعر بالأحراج ورجع من حيثأتى ،ولكن بأءت ظنونها بالفشل اذا سمعته يطرق الباب بيده ويهتف أفتحي الباب وإلا سيتأخر فؤاد
وفي هذه الأثناء صحت أمها وخرجت من غرفتها لتستطلع الأمر وأخبرتها صفاء بأن سعدون بالباب معأخوه فؤاد 😟
ردت بأقتضاب سعدون يأتي لزيارتنا فجرا ومع أخوه يبدو أنهما فعلا معتوهان واخوه مثله مجنون
فقطع كلامها بمعاودة الطرق ، فتقدمت بخطوات متسارعة نحو الباب وكانها الأسد الغضبان وفتحته لتطردهأشد طردة ، ولكنها تفاجئت من رؤيته وهو مطأطأ رأسها والى جانبه الكابتن الذي التقيا به بالمطار ،وبمجرد رأها أنزل قبعته أحتراماً لها كما هي عادة بعض الدول الأجنبة بالقاء السلام
هدأ ثوران غضبها لرؤيته ودعتهما للدخول ، وصفاء مازالت مختبئة خلف الباب خوفاً من غضب أمها ،ولكن سرعان ماسمعتها وهي تدعوهم للدخول ، فشعرت ببعض الأستغراب من تغير موقفها وخرجت منمكانها لتتفاجئ بوجود الكابتن فؤاد نعم أنه فؤاد أخو سعاد وسعدون انه يشبههما تمام .
تقدمت امامهما والقت التحية الصباحية ورد عليها فؤاد بنظرات غريبة أشعرتها بعدم الراحة ودعتهم الخالةللجلوس ، وجلست صفاءملتقصة بأمها
بدأ فؤاد بحديثه والأعتذار عن زيارتهما بهذا الوقت المبكر وأن سعدون هو من أتصل اليه وأجبرهبأصطحابه
ردت عليه الخالة حميدة قائلة :نعم سعدون يحب المفاجئات الصباحية .
ردعليها وهو يلتفت بنظراته لصفاء نعم ياخالة ليتني عرفتكما من زمان ،
ويالحظ سعدون بمعرفتكم فعلا انه محظوظ .
لم تفهم القصد من كلامه ، غير أن سعدون ضرب بيده بقوة على فخد أخيه فؤاد فأنتاب الى مسمعهماضربته وهو يشير عليه بالدخول بالموضوع ؛
أبتسمت صفاء وأمها لتصرفه ، وفؤاد يدلك مكان الضربة لشعور بحرارة قوتها ولكن لامجال ليظهر غضبهبل بادر بالكلام وهو يختلس بنظراته للصفاء قائلا سعدون ياخالة يريد موافقتك على خطبته لابنتك صفاء
نزل سعدون رأسه للأرض فلا يرى منه غير رأسه بشعراته الملتفة كالحلقات ببعضها
عم بعض الصمت بالمكان ثم أكمل كلامه قائلا طبعاً لكما الحرية بعدم الموافقة لأن الفرق كبيراً جداً بينسعدون وصفاء وهو يحاول أن يصيب بكلامه غير المباشر لشيء يتمناه ، وبعد سماع صفاء لكلماته وقفتوردت عليه قائلة : وما هو الفرق برأيك ياكابتن فؤاد ؟؟
رد عليها قائلا : أنت تستحقين أفضل الرجال وأخي سعدون لن يحقك لك ماتتمنين
ردت عليه قائلة : سعدون هو الأفضل ولن أتمنى رجلاً أخر غيره .
تنحنح بصوته وكأنه فهم من كلامها بأرتباطها بسعدون ولامجال لمحاولة سرقها منه أو تغير رأيها ، نظرالى ساعته ووقف ليودعهما ووضع يده على كتف سعدون قائلاً مبارك عليك أيها المحظوظ بأختيارك صفاء
ولم يحرك سعدون ساكنا مما يبدو عليه علامات الغضب من التلميح للصفاء بعدم الموافقة .
تقدم متجهاً للباب وهو يخاطب سعدون قائلا : ألن تأتي معي لأوصلك بيتك أيها العريس ؟
فنفض سعدون رأسه ليعبر عن شعوره بالغضب قائلاً له : لا أهرب أنت لبعيد وأنا سأبقى هنا مع صفاءوالخالة حميدة .
ثم أعاد فؤاد رفع قبعته مرة ثانية وهو يدير بظهره مودعاً اليهم وأنتهت المقابلة ليتم تعرف صفاء بعائلةسعدون ، وتزيدا تعلقاً به أكثراً فأكثر .
وبعد خروجه بفترة هتفت صفاء لسمع سعدون قائلة : لما أنت غاضباً ومتوتراً ياسعدون أرفع رأسك ووتقدمبطلبك لأمي ولكن قبل كل شيء لابد من أداء الصلاة قبل شروق الشمس
رفع رأسه قائلا : نعم وانا ساصلي بالغرفة الخارجية وأنتظركما
وبعد أن فرغ الجميع من صلاتهم
وقد أشرقت الشمس وأمتلى الكون بخيوطها الذهبية لتشعر صفاء بأمل اللقاء ، أقتربت من أمها وهيمازالت على سجادتها قائلة لها : لاتنسيني بالدعاء يا أمي وأنحنت وقبلت رأسها ثم أكملت سيرها لتدعوسعدون بالرجوع ومشاركتهم الجلسة
وبعد دقائق من الوقت الخالة حميدة ويبدو عليها عدم الراحة وجلست وامرت صفاء بتجهيز الفطور وهيستكمل حديثها مع سعدون
نهضت صفاء من مكانها متأملة خيراً بموافقة أمها وأتجهت للمطبخ وهي ترفع يديها يارب يارب لاتحرمنيمن فرحتي وتسخر قلب أمي على سعدون ياحبيبي يالله أجبر بخاطري .
وبتلك الأثناء كان سعدون يواجه أصعب موقف ولابد أن يثبت رجولته لتوافق على طلبه
أستجمع قوته وثباته وكأنه يتهيأ لخوض حرباً شرسة مع حماته المستقبلة قائلا : خالة أم عبدو أبنتكصفاء مثل ماقال لك أخي فؤاد أنها تستحق أفضل الرجال، وأنا أعترف بأني مختلف وينعتونني بالجنون ولمأفكر يوماً أن أتزوج ولكن وقعت بطريق صفاء لألتقي بها وهذا قدرنا ياخالة وأنت عليك الموافقة يلا قوليموافقة .
ردت عليه بوجه عابس قائلة : ولكن صفاء تقدم لخطبتها شاب أخر وهو بأنتظار موافقتنا فالموضوع لمينتهي حتى الأن .
رد عليها قائلا : لا صفاء لن تقبل بأي خاطب غيري ، أنت وأبنك عبدو لاتحبونني .
أشارت عليه بخفض صوته قائلة : أجلس فأنا لم أكمل معك بقية الكلام ،
جلس وهو يهز رجليه بقوة مما يدل على غضبه قائلا : نادي على صفاء فاذا أخبرتني بأنها غير موافقةسأخرج ولن أعود اليكم مرة ثانية أبداً أبداً
ردت عليه بصوت كتوم خوفا من وصول كلامهما لسمع صفاء قائلة : لا أرجوك لا اريد أن تعرف صفاء بمااقوله لك هي تحبك ايضاً ولكني أخاف عليها بأنها تتسرع بالزواج منك وبعدها
قاطعها قائلا :لالن تندم ولن أجعلها تحس بألم وهي معي فأنا أحبها
ونهض من مكانه وأقترب من نافدة الصالة وأزاح الستارة المخملية الكاتمة فأنتشر شعاع الشمس بالمكان، ثم وجه كلامه اليها قائلاً: أنظري ياخالة صفاء كهذا النور بحياتي ، ثم أغلق الستارة قائلا واذا لم توافقيستكونين أنت كهذه الستارة وتحرمينني من النور بقية حياتي وسأرجع كما كنت وسأعتزل العالم وأعيشبالظلام
لم ترد عليه لشعورها ببعض التأنيب
فدخلت عليهما صفاء ببشاشتها وهي تدعوهما لتناول الأفطار
وسالت سعدون قائلة : هل تعجبك نافذتنا ؟ أبعد الستارة وشاركنا الفطور
وأنتبهت بأن هناك شيء يحيرهما وأمها مازالت واجمة
أعادت عليهما سؤال وقد ذبلت أبتسامتها قائلة : ماذا حدث بينكما يا أمي هل تزاعلتما أنت وسعدون ؟
رد عليها سعدون قائلاً : ولما نزعل من بعض ياصفاء، أغبطك لأن لديك أم حنونة وتخاف عليك من أنيسرقك أحداً منها وانت وحيدتها وعبدو مشغولا عنها
ثم أقترب وجلس أمامها على ركبتيه مباشرتا ليضع عينه بعينها قائلا : خالة حميدة الم تشتاقي أن تكون لديكحفيدة تشبهك وتتسلين معها ؟؟
وقبل أن تنطق بأي كلمة أكمل كلامه ألم تتمني أبنا محب يساعدك بأي وقت تحتاجيه ؟؟
عندما أتزوج صفاء سننجب اليك بنت أسمها حميدة وستقضي معك أكثر وقتها لتمرحين وتفرحين واخد يعملبيديه بعض الحركات الطفولية
ليشرق وجهها بأبتسامة الرضا والقبول قائلة : لم أتوقع أن تكون بهذا الدهاء ياسعدون
وقف ورفع رأسه وهو يشعر بالأنتصار نعم ياخالة قولي موافقة
ردت عليه نعم موافقة ولكن بشرط
وماهو شرطك ياخالة؟
أن يكون لك عمل وتتحمل مسؤلية مثل بقية الرجال
رد عليها بحماس قائلاً : أنا أعمل ياخالة ولكن خارج المنطقة ولا أحد