بقلم الكاتبة : هدى العوى
الفصل السابع عشر
الفصل السابع عشر
برجوع صفاء لبيتها بعد وعكتها الصحية
لأحظت على أمها بعض التغيرات وزيادة الأهتمام
بها وتدليلها بمالذ وطاب من أشهى المأكولات
التي تحبها .ووافقتها لزيارة صديقاتها لها وقضاءوقت ممتع لساعة متأخر من الليل
حتى أمتلأ المكان بضحكاتهم مما أشعرها
بالسعادة وأسترجاع صحتها وأرتفاع معنوياتها .
وبدأت باليوم الثاني الأستعداد والرجوع لدوامها والأهتمام بصالونها كما
كانت بالسابق .
خرجت من غرفتها فوجدت أمها بأنتظارها
لتشاركها وجبة الفطور كما هي عادتها فهي الوجبة الوحيدة التي تجمعهما وتعتبرها صفاء
الوجبة الرئيسية فتغنيها عن وجبة الغداء التي
تكون خلالها بأوج زحمتها مع زبوناتها بالصالون .
بدا على وجه أمها بعض القلق عليهافهي
مازالت بفترة النقاهة وتحتاج لبعض الراحة فبادرت اليها قائلة : صفاء أعرف أنك لاتحبين
المكوت بالبيت ولكنك تحتاجي بعض الوقت لأستعادة صحتك ولأطمئن عليك وأنت تعملين لساعات
طويلة ياأبنتي .
فردت عليها قائلة : كوني مطمئنة البال ياأمي الحبيبة فأنا بخير ومشتاقة
لأكون بين رفيقاتي وتجميل زبوناتي .ولأجلك سأرجع قبل وقتي انظري
فاخدت لفة دائرية بجسمها قائلة : أنا
بكامل صحتي ولا أشعر بأي تعب والفضل يعود اليك ياأمي الحبيبة . الى اللقاء وطبعت قبلة بيديها بالهواء وخرجت تقفز بخطواتها
وتسارع الوقت .لعيش حلمها ولقاء سعدون
أخبرت سائقها أن يقف بها بأحد المحلات
التجارية ونزلت لوحدها وتبضعت ورجعت بعدة أكياس صغيرة وملامح السعادة تبدو على وجهها
وهي تقلب ماأشترته بأعجاب ورضا عن ذوقها ،
فأشارت اليه أن يأخدها بجولة بقرب بيت سعدون
،
لأحتمالية رؤيته وهو يتسكع بالقرب
من هناك .
تابع سيره حتى وصل بها مكان ماتريد
ونزلت تحمل بيده كيس من الورق وله خيوط
متدلية مما يوحي بأن مابداخله هدية
ثمينة ، وتقدمت نحومنزل سعدون لتتفاجئ بأنه
مقفل من الخارج ، فأنتابها شعور بخيبة الأمل وتراود لها بأ نه يهرب من اللقاء بها ،
والأ لما يقفل منزله رغم أنه لم يتعود أقفاله من قبل ، وقفت للحظة ثم عادت خطواتها
للرجوع ، ولكن تبادر الى سمعها صوت عصفور نعم أنه عصفور سعدون!! الصوت يأتي من خارج
المنزل وقريب من سمعها ، تحركت بهدوء يمينا يسار فوقعت عينها على قفص عصفور بأخر محل بالاتجاه المقابل منزل سعدون ، أسرعت بتلهف
لعلها تلقى من تحب ولكن للأسف لم ترى غير القفص متدلي بواجهة المحل والبائع رجلا بالعقد الخمسين يتمتع بوجه منشرح وحواجبه العريضة
تلتصق بجفونه وابتسامته تدل على حنانه ولطفه
وقفت لبرهة تتأمل بالقفص والعصفور
أنتهبه اليها متسائلا : نعم ياأبنتي هل يعجبك العصفور ؟
نعم عمي أنه يعجبني توقعته عصفور قريبنا
سعدون .
نعم ياأبنتي توقعك صحيح أنه عصفور
سعدون أحضره قبل يومين لأهتم به ويكون أمانة عندي حتى يرجع .
نعم عمو : ألم يخبرك أين ذهب ؟ وأين
يمكن أجده ؟
لا ياأبنتي سعدون صاحب مزاجية متقلبة
لانعرف له قرار بمكان أو نفهم له أي تصرف بمنطق
. أزداد حماسها لتعرف أكثر
هل تعتقد يا عمي أن يكون بالقرب من
هنا أو تتوقع مثلا يكون باي مكان الأن ؟؟
قلت لك ياأبنتي سعدون يتواجد بأي مكان
به تجمع ، مثلا عندمايكون هناك مبارة سيكون بوسط المتفرجين
ووقت الصلاة مع المصلين ولكن خارج
المسجد ، وبالاحتفالات هو اول الحضور ، وبالأعراس
هو من يبادر لأي مساعدة لأهل العريس .هو أنسان أجتماعي وخدوم للجميع من غير أي مقابل
. أنظري ياأبنتي واشار بيده لطافية حريق معلقة بداخل المحل قائلا : هذه الطفاية أهداني أياها وعلمني كيفية أستخدامها
بوقت الضرورة . ويغدق على الجميع بهداياه وبأي مناسبة تكون عندهم . ولكنه مسكين ليس له أصدقاء. فأنت أول وحدة من أقربائه
التي تسأل عنه .
حينها تاكدت ظنونها بأن الهدية التي
كانت أمام بيتهم هو من وضعها بلاشك .
ردت على قائلة : شكرا جزيلا لك ياعم وهل تسدي لي خدمة أخيرة ؟ نعم ياأبنتي
تفضلي على الرحب والسعة .
سأعطيك رقمي وأي وقت يرجع أو تراه
باي مكان أن تتصل بي فورا ودون أن تعلمه بسؤالي عنه .
رد عليها بأبتسامته العفوية : بكل
سرور ياأبنتي ، تفضلي أي شيئ شيئا يعجبك من المحل ياأبنتي .
شعرت ببعض الخجل ولابد من تجبر خاطره
ببعض المشتريات منه ولو لرد الجميل . دخلت لتختار بعض المأكولات والمرطبات الباردة
أنعكس شكل سعدون وكأنه يقف من بعيد لمراقبتها ، أستادارت مسرعة للخلف ولم ترى له أثرا
، فغلبها الشك بأنه مجرد تهيوأت لاغير .
أكملت حساب ماأشترته وعادت لسيارتها
وجلست شاردة الفكر بما قاله لها صاحب المحل عن سعدون .
فعلا سعدون شخص غريب ولكن لن أتركه
يهرب مني . وبعد دقائق
وصلت محلها وأستقبله الجميع بالقبلات
الحارة التي أشعرتها بقوة علاقتهم بها كأخت وليس مديرة وصاحبة المحل .ووضعت على طاولتها
الصغير باقة جميلة من الورود والأزهار . وكان يخلو من الزبونات ماعدا هناك أمرأة واحدة
يبدو عليها تقدم السن وهي تتصفح بالمجلات الموجودة أمامها .
أقتربت براق من صفاء وهمست لها بأبتسامة
ساخرة قائلة : هل تصدقي ياصفاء بأن هذه عروستنا اليوم
فأزدادت قهقهة هادئة خوفا من أن يصل
صوتها لسماع تلك المرأة .
اومئت اليها صفاء بالكف عن ضحكاتها
وسخريتها وتلاشت عنها وأقتربت من زبونتها قائلة : مرحبا ياخالة أنا صفاء وبخدمتك
ردت عليها قائلة : شكرا ياأبنتي أعرف
أن الجميع سيسخر مني ولكن ما أفعله ليس عيبا وساتحمل أي كلمة أسمعها أو أي همز بأسائتي .
أخد الفضول يزداد عند صفاء وهي تسرد
اليها بعض المقدمات قبل أن تعرف ماتريده من خدمة بوجودها معهم .
ردت عليها صفاء بكل أحترام تفضلي ياخالة
معي وسأعمل لك مايرضيك ويعجبك .
نهضت من مكانها ومشت خلف صفاء
وجلست على الكرسي المقابل لمرأة كبيرة
أمامها وهي تتأمل ملامح وجهها قائلة : أنظري ياأبنتي لهذه التجاعيد هل تستطيعين أخفائها
أريدك أن تهتمي بي كما تهتمين بالعروسات الصغيرات ، وتخفي كل هذا الشعر الأبيض من رأسي .
فتحشرج صوتها بالبكاء قائلة أنا عروس
ياأبنتي .
شعرت صفاء بالشفقة عليها وأنها تعاني
من مشكلة تقلقها .
فردت عليها لابأس عليك ياخالة سأعمل
لك كل ماتطلبين ولتكوني أجمل عروس ولكن لاتبكين .
وأعطتها بعض المناديل الورقية لتمسح
دموعها .
فردت عليها قائلة ليت أبنتي مثلك ياصفاء
أنها بمثل عمرك لكنها تختلف عنك كثيرا أنها قاسية القلب معي .
اجابتها : نعم ياخالة ولماهي قاسية
معك ؟ .
ردت عليها قائلة : لقد ربيتها هي وأخوها
بعد أن توفي والدهما و ترملت وانا صغيرة ومازلت بالعشرين من عمري .فكرثت حياتي لتربيتهما
ولم أرضى بأي عروض الزواج التي قدمت الي من أجلهما ،ولم أقصر معهما بأي شيئ وأكمال
دراستهما الجامعية وزوج أبني وسكن مع زوجته بمكان مستقل وبعيدا عني وأبنتي الأن مخطوبة
ووقتها مقسم بين عملها والخروج مع خطيبها حتى أحيانا لاأسمع لها صوت تأتي متأخرة وتخرج
وأنا نائمة .وازداد شعوري بالوحدة والفراغ ، فعرضت علي أحدى صديقاتي بأن أتزوج أخوها
فهو ارمل ويحتاج الى رعاية وابنائه مشغولون عن بمسؤلياتهم .
فلم أوافق ببداية الأمر ولكن الأن
قرب زواج أبنتي وستتركني وتنشغل اكثر بحياتها ، فوافقت على الزواج ليكون لي من يشاركني
بقية ايامي ويسد وحدتي ، وعندما أخبرت أولادي
لم تتخيلي ردت فعلهم معي .
وأخدت تجهش بالبكاء ،
أبني الذي أعتبره قرة عيني وفلدة كبدي
، يصرخ علي ويتهمني بالجنون وأنه لن يزورني وبيحرمني من رؤية اولاده وسيتبرا مني .
وأبنتي لم أتوقع يأتي يوم وتقول لي
ماسمعته منها . انها تخجل مني ولاتريد أن يعرف خطيبها بزواجي وأنا امثل عارا عليها .
هل أنا فعلا بهذا السوء ياأبنتي ؟!
ردت عليها قائلة : لاعليك ياخالة ولاتهتمي
بكلام اولادك ، زواجك ليس عيبا ومن حقك بعد أن قضيتي شبابك بتربيتهم ولم تقصري معهما
بشيء أن تكون لك الحرية بأختيار بقية حياتك كيفما تشائين .
وأبنائك سيأتي يوما ويندمون على فعلهم
وكلامهم القاسي معك ، فانهم مازالو بحاجة لعطفك وحنانك عليهم .
المهم الأن أن تستعدي ولتكوني أجمل
عروس .
وتقدمت واخدت باقة الورد وقدمتها اليها
قائلة : تفضلي ياخالة هذه هدية بمناسبة زواجك
وتمنياتي لك بالسعادة والف مبرووك ..
يتبع .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق